دور المراجعة الداخلية في حماية الجمعيات الأهلية وتعزيز كفاءتها

المستشار محمد العمودي

 

المراجعة الداخلية… أداة استباق لا رد فعل

في بيئة العمل المؤسسي، لم تعد الرقابة تُمارس بعد وقوع الأخطاء فحسب، بل أصبحت المراجعة الداخلية ممارسة استباقية تهدف إلى منع المخاطر قبل وقوعها، وتحسين الأداء قبل أن تتراكم التحديات.

بالنسبة للجمعيات الأهلية، فإن وجود وحدة مراجعة داخلية فاعلة ومستقلة يمثل خط الدفاع الأول عن الحوكمة الرشيدة، والالتزام المالي، والشفافية التي تعزز الثقة المجتمعية والداعمة.

وهذا المقال لا يُوجّه فقط لبيان أهمية المراجعة الداخلية، بل يخاطب بوعي ومسؤولية ثلاث فئات قيادية محورية في الجمعيات الأهلية:

  • رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة الذين تقع على عاتقهم مسؤولية التمكين والاستقلالية.
  • المديرون التنفيذيون بصفتهم الحاضنة الأولى لتطبيق التوصيات وتعزيز ثقافة التحسين.
  • المديرون الماليون بوصفهم شركاء في تعزيز الرقابة والامتثال.

كل فئة منها تملك مفتاحا خاصا لتفعيل هذا الدور المحوري، والمقال يقدم خريطة طريق عملية لفهم المهام، وتفعيل الأدوار، والتغلب على التحديات التي تواجه تفعيل المراجعة الداخلية داخل الجمعية.

لنُبحر معا في فهم أعمق لدور المراجعة الداخلية، لا كوظيفة، بل كضمانة مؤسسية نحو النزاهة، والكفاءة، والاستدامة.

 

ما هي المراجعة الداخلية؟

نشاط رقابي مستقل وموضوعي يُنفَّذ داخل الجمعية بهدف فحص وتقييم كفاءة وفاعلية أنظمتها الداخلية، المالية، والإدارية، ويُقدّم توصيات لتطوير الأداء وضمان الامتثال وتحقيق الأهداف.

 

الفوائد الاستراتيجية للمراجعة الداخلية حسب الفئة القيادية:

الفائدة لمجلس الإدارة للإدارة التنفيذية للإدارة المالية
تعزيز الشفافية والمساءلة الاطلاع الدوري على الأداء والتحقق من سلامة استخدام الموارد أدوات متابعة دقيقة لفرق العمل مؤشرات واضحة على الالتزام المالي
كشف المخاطر مبكرا تقليل فرص الوقوع في مخالفات أو خسائر دعم قرارات الإدارة المبنية على بيانات موثوقة تحسين الرقابة على العمليات المحاسبية
تحسين الكفاءة التشغيلية رفع أداء الجمعية وخدمة مستدامة للمستفيدين تحسين الإجراءات الداخلية وتبسيط العمليات تصحيح الثغرات وتحسين دورة الرقابة المالية
تعزيز ثقة المانحين والجهات التنظيمية صورة ذهنية قوية تعزز التمويل والدعم تسويق مؤسسي يستند إلى التزام حقيقي بالحوكمة تقارير مالية دقيقة تعكس جودة الأداء

 

دور كل فئة قيادية في تفعيل المراجعة الداخلية:

دور مجلس الإدارة:

  • اعتماد سياسة واضحة للمراجعة الداخلية.
  • تشكيل لجنة مراجعة نشطة وفعّالة تتبع للمجلس.
  • ضمان الاستقلالية الكاملة للمراجع الداخلي (مهنيا وتنظيميا).
  • متابعة تقارير المراجعة واتخاذ قرارات تنفيذية بشأنها.

دور الإدارة التنفيذية:

  • تمكين المراجع الداخلي من الوصول غير المقيّد للبيانات والأنظمة.
  • التعاون الكامل في تنفيذ التوصيات.
  • توفير الموارد والدعم التقني واللوجستي لفريق المراجعة.
  • دمج ثقافة الرقابة والتحسين المستمر في بيئة العمل.

 دور الإدارة المالية:

  • التحقق من توافق الإجراءات المحاسبية مع السياسات واللوائح.
  • تقديم البيانات المطلوبة للمراجعة بدقة وسرعة.
  • تنفيذ التوصيات المالية ذات العلاقة، مثل تصحيح الانحرافات أو ضبط العمليات.
  • تعزيز نظم التوثيق والدقة في السجلات المالية.

 

المهام الجوهرية للمراجع الداخلي في الجمعية:

  • مراجعة الإجراءات والسياسات المالية والإدارية.
  • فحص المستندات وسجلات الإيرادات والمصروفات.
  • تقييم كفاءة الرقابة الداخلية.
  • إعداد تقارير مهنية للجنة المراجعة ومجلس الإدارة.
  • متابعة تنفيذ التوصيات والتأكد من التحسين المستمر.

 

التحديات الشائعة وكيفية مواجهتها:

التحدي الحل المطلوب من القيادة
ضعف التأهيل لدى بعض المراجعين الاستثمار في بناء قدرات المراجعين أو التعاقد مع متخصصين
محدودية الموارد التقنية والبشرية تضمين المراجعة الداخلية ضمن الميزانية التشغيلية
تدخلات غير مهنية دعم استقلالية المراجع وفرض احترام أدواره
ضعف ثقافة الالتزام الداخلي نشر ودمج ثقافة الرقابة والحوكمة بين الفرق

 

الخلاصة:

المراجعة الداخلية ليست وظيفة رقابية فقط، بل هي دور استراتيجي لحماية الجمعية وضمان كفاءتها وامتثالها.

ولن تتحقق فعالية هذا الدور دون تعاون وتكامل وثيق بين مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية، والإدارة المالية.

إذا أردنا بناء جمعيات راسخة، مستدامة، وجاذبة للثقة؛ فإن البداية تبدأ من قناعة القيادات بأهمية المراجعة الداخلية والعمل على تمكينها وتفعيل نتائجها.

 

خدمة المراجعة الداخلية

 

شارك المنشور

مقالات اخرى