المحاسب في الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص: اختلافات جوهرية في المهام والأهداف”

                     أ .عبير الشمري

بكالوريوس محاسبة خبرة أكثر من 10 سنة في المحاسبة في الجمعيات الأهلية

المحاسبة تعتبر من الركائز الأساسية في إدارة أي منظمة، سواء كانت في القطاع الخاص أو في الجمعيات الأهلية. ورغم تشابه المهام التي يؤديها المحاسب في كلا القطاعين، إلا أن هناك فروقات جوهرية تتعلق بطبيعة العمل، والأهداف، والتحديات التي يواجهها المحاسب في كل منهما. في هذا المقال، سنستعرض الفرق بين عمل المحاسب في الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص.

  1. طبيعة العمل والأهداف
  • المحاسب في الجمعيات الأهلية:
    الجمعيات الأهلية تعمل في إطار غير ربحي، وتوجه أنشطتها لتحقيق أهداف اجتماعية، ثقافية أو بيئية. لذلك، يتم التركيز بشكل أساسي على الرقابة المالية على الموارد والتأكد من أن الأموال تُستخدم وفقًا للغرض المخصص لها. المحاسب في الجمعية الأهلية لا يهدف لتحقيق ربح، بل يهدف إلى تحسين كفاءة استخدام الموارد لتحقيق أقصى فائدة للمجتمع.
  • المحاسب في القطاع الخاص:
    في القطاع الخاص، يكون الهدف الأساسي للمحاسب هو تعزيز الربحية والنمو المالي للشركة. يرتكز عمل المحاسب هنا على تقديم تقارير دقيقة عن الإيرادات والنفقات، وتحليل الأداء المالي للشركة بهدف تحسين الكفاءة التشغيلية وزيادة العوائد. كما يشمل المحاسب في الشركات الخاصة دورًا مهمًا في اتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تعزز الربحية.
  1. المعايير المحاسبية
  • المحاسب في الجمعيات الأهلية:
    تلتزم الجمعيات الأهلية بمجموعة من المعايير المحاسبية الخاصة التي تأخذ في الحسبان الشفافية والمساءلة أمام الجهات المانحة، سواء كانت حكومية أو خاصة. وفي بعض الأحيان، تتبع الجمعيات الأهلية معايير محاسبية خاصة بها مثل المحاسبة وفقًا لنظام الموازنة الصفرية أو المعايير التي تضعها بعض الهيئات المحلية والدولية.
  • المحاسب في القطاع الخاص:
    في القطاع الخاص، يتبع المحاسب المعايير المحاسبية العامة المعترف بها دوليًا مثل المعايير الدولية للتقارير المالية (IFRS) أو المعايير الأمريكية (GAAP). هذه المعايير تساعد الشركات على تقديم بيانات مالية موثوقة للمستثمرين، البنوك، والهيئات التنظيمية، بالإضافة إلى توفير المعلومات الضرورية لاتخاذ القرارات المالية.
  1. الرقابة والتدقيق المالي
  • المحاسب في الجمعيات الأهلية:
    تلعب الرقابة المالية دورًا حيويًا في الجمعيات الأهلية، حيث أن هناك اهتمامًا كبيرًا بتوفير ضمانات على الاستخدام السليم للموارد المخصصة من قبل المتبرعين أو الحكومات. يتطلب العمل في الجمعيات الأهلية الالتزام بشفافية كاملة في كل عملية مالية، مع وجود تدقيق دوري من قبل هيئات خارجية لضمان عدم وجود تلاعب.
  • المحاسب في القطاع الخاص:
    في القطاع الخاص، تعد الرقابة المالية جزءًا من عملية الإدارة الداخلية التي تضمن تحقيق الأهداف الربحية. الشركات الخاصة تعتمد على مراجع حسابات داخليين وخارجيين لضمان الشفافية وتحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات. يمكن أن يكون التدقيق أقل تشددًا مقارنة بالقطاع غير الربحي، ويكون أكثر تركيزًا على الأمور التي تؤثر على الربحية والنمو.
  1. التعامل مع التمويل
  • المحاسب في الجمعيات الأهلية:
    يتم تمويل الجمعيات الأهلية غالبًا من خلال التبرعات، الهبات، والمنح، وهو ما يتطلب من المحاسب تنظيم وتقارير دقيقة حول كيفية توزيع هذه الأموال. يتم تتبع الأموال بعناية لضمان أن كل تمويل يتم استخدامه كما هو مخصص، وقد يتطلب العمل مع جهات مانحة متعددة وتقديم تقارير دورية حول كيفية استخدام هذه الأموال.
  • المحاسب في القطاع الخاص:
    في القطاع الخاص، يأتي التمويل بشكل رئيسي من الإيرادات الناتجة عن بيع المنتجات أو الخدمات. كما يمكن أن تتعامل الشركات مع مصادر تمويل أخرى مثل القروض أو الاستثمارات. عمل المحاسب هنا يتمثل في تنظيم الحسابات بطرق تسهل تجميع الإيرادات والمصروفات، بالإضافة إلى تحديد كيفية تحقيق أقصى استفادة من التمويل المتاح.
  1. المهارات المطلوبة
  • المحاسب في الجمعيات الأهلية:
    يجب أن يتمتع المحاسب في الجمعيات الأهلية بمهارات في إعداد التقارير المالية الخاصة بالمنح، ويفهم القوانين المحلية والدولية المتعلقة بالجمعيات غير الربحية. كما يجب أن يكون لديه قدرة على التعامل مع الممولين والهيئات المانحة بشكل فعال.
  • المحاسب في القطاع الخاص:
    يتطلب العمل في القطاع الخاص مهارات تحليلية قوية لفهم الأداء المالي للشركة، بالإضافة إلى قدرة على إدارة البيانات المالية بشكل دقيق. المحاسب في هذا القطاع بحاجة إلى التفاعل مع فرق التسويق، المبيعات، والإنتاج لفهم كيفية تأثير القرارات المالية على كل جزء من الشركة.

الختام

على الرغم من التشابه بين عمل المحاسب في القطاع الخاص والجمعيات الأهلية في بعض الجوانب، إلا أن هناك اختلافات جوهرية تتعلق بالأهداف الأساسية، معايير المحاسبة، الرقابة المالية، وإدارة التمويل. المحاسب في الجمعيات الأهلية يتعامل مع التمويل غير الربحي ويتطلب شفافية أكبر، بينما المحاسب في القطاع الخاص يركز على تحقيق الأرباح وتحقيق النمو المالي للشركة.

شارك المنشور

مقالات اخرى