إدارة المخاطر: ضرورة استراتيجية للجمعيات الأهلية

المستشار محمد العمودي

 

تعتبر إدارة المخاطر جزءًا أساسيًا من أي مؤسسة ناجحة، وخاصةً للجمعيات الأهلية التي تسعى لتحقيق أهدافها الاجتماعية والخيرية في بيئات متطورة ومتغيرة. من بين جميع أنواع المخاطر التي قد تواجهها الجمعية، تبرز المخاطر المالية كأحد أبرز التحديات التي تتطلب اهتمامًا خاصًا.

إن الإدارة الفعالة للمخاطر المالية ضرورية للحفاظ على الأصول وضمان استدامة الأنشطة. فإذا لم تتم إدارة المخاطر بشكل جيد، فإنها قد تؤدي إلى فقدان الموارد المالية، وتعطيل البرامج والخدمات، وتقويض قدرة الجمعية على تحقيق الأثر الاجتماعي المطلوب. لذا، فإن وجود استراتيجية شاملة لإدارة المخاطر المالية يمكن أن يساعد الجمعيات في حماية أصولها، وتحقيق الاستدامة، وتوجيه مواردها نحو تحقيق الأهداف بكفاءة.

 

ما هي إدارة المخاطر؟

إدارة المخاطر هي العملية التي تهدف إلى تحديد وتقييم وتخفيف المخاطر المحتملة التي قد تواجه المنظمة. تشمل هذه المخاطر مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك المخاطر المالية، التشغيلية، القانونية، والتسويقية. بالنسبة للجمعيات الأهلية، فإن إدارة المخاطر تقوم بدورٍ حيوي في تحقيق الأمان المالي والاستدامة.

 

أهمية تقييم المخاطر للأصول الثابتة والمتداولة

تعتبر الأصول الثابتة والمتداولة من العناصر الحيوية في أي جمعية أهلية، حيث تمثل المورد المالي الرئيسي لتنفيذ الأنشطة وتحقيق الأهداف. إليك بعض الأسباب التي تجعل تقييم المخاطر المتعلقة بهذه الأصول أمرًا ضروريًا:

  1. حماية الأصول: يساعد تقييم المخاطر في تحديد الأصول المعرضة للمخاطر، مما يتيح للجمعية اتخاذ تدابير وقائية لحمايتها من الفقدان أو التلف.
  2. تحسين اتخاذ القرارات: يمكن لتقييم المخاطر أن يوفر رؤى قيمة حول كيفية إدارة الأصول، مما يساعد على اتخاذ قرارات مستنيرة تتعلق بالاستثمار والتمويل.
  3. تعزيز الثقة: عندما تتمكن الجمعية من إدارة مخاطرها بفعالية، فإنها تعزز الثقة مع المانحين والشركاء وأصحاب المصلحة، مما يزيد من فرص الحصول على الدعم المالي.
  4. الامتثال القانوني: يساعد تقييم المخاطر في التأكد من التزام الجمعية بالقوانين واللوائح المعمول بها، مما يحميها من المخالفات والعقوبات.

 

أبرز المعايير المعمول بها في إدارة المخاطر

برزت عدة نماذج لإدارة المخاطر، وكان الغرض منها توفير إطار عمل موحد لإدارة المخاطر عبر مختلف القطاعات، مما يعزز القدرة على تحديد المخاطر والتعامل معها بشكل فعال، ويسهم في تحسين الأداء العام وتقليل الخسائر المحتملة. وسنشير هنا إلى أبرز المعايير العالمية المعمول بها في إدارة المخاطر:

 

ISO 31000:2018

  • يعتبر معيار ISO 31000 من أبرز المعايير العالمية لإدارة المخاطر. يقدم إطارًا لتحديد وتقييم وإدارة المخاطر بشكل شامل، ويشمل الخطوات الأساسية مثل:
    • تحديد المخاطر
    • تقييم المخاطر (تحليل المخاطر وتقييمها)
    • معالجة المخاطر (تطوير استراتيجيات التخفيف)
    • مراقبة ومراجعة المخاطر

 

COSO ERM Framework

  • يوفر إطار عمل COSO (Committee of Sponsoring Organizations of the Treadway Commission) نموذجًا متكاملاً لإدارة المخاطر، ويشمل العناصر الأساسية مثل:
    • بيئة الحوكمة
    • تحديد المخاطر
    • تقييم المخاطر
    • الاستجابة للمخاطر
    • مراقبة المخاطر’

 

Basel Accords

  • تُعتبر معايير بازل مجموعة من المعايير التي تهدف إلى تعزيز استقرار النظام المالي العالمي من خلال إدارة المخاطر المالية. تشمل المخاطر المرتبطة بالأصول، مثل:
    • مخاطر الائتمان
    • مخاطر السوق
    • مخاطر السيولة

 

دور المكاتب الاستشارية في تقييم المخاطر

تعتبر المكاتب الاستشارية الاحترافية شريكًا مهمًا للجمعيات الأهلية في إدارة المخاطر بشكل فعّال. فهذه المكاتب تمتلك الخبرة والمعرفة اللازمة لتحليل البيئة التشغيلية والمالية، مما يساعد في اكتشاف المخاطر مبكرًا ويضع التدابير الاحترازية والعلاجية للتعامل معها. وعند تقديم خدمة تقييم المخاطر فإننا نقوم بالتالي:

  • جمع البيانات وتحليل الأصول: إجراء تحليل شامل للأصول الحالية، بما في ذلك تقييم قيمتها السوقية وظروفها التشغيلية، وذلك لتحديد نقاط القوة والضعف التي يمكن أن تؤثر على استدامتها.
  • تحديد المخاطر المحتملة: التعرف على المخاطر المالية والتشغيلية والقانونية، من خلال تطبيق منهجيات تحليل المخاطر المتقدمة. يتيح لنا التعرف على التهديدات المحتملة بشكل مبكر، مما يمكن المنظمة من اتخاذ تدابير احترازية فعّالة.
  • تطوير استراتيجيات التخفيف: تقديم توصيات واضحة ومخصصة لاستراتيجيات التخفيف التي تتناسب مع احتياجات كل منظمة. تشمل هذه الاستراتيجيات تحسين إجراءات الرقابة الداخلية، وتعزيز الوعي بالمخاطر.
  • إعداد تقرير شامل مفصل: يتضمن نتائج التقييم، وتحليل المخاطر، واستراتيجيات التخفيف المقترحة. يسهم هذا التقرير في تمكين مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين من اتخاذ قرارات مستنيرة تعزز من فعالية إدارة المخاطر وتحسن الأداء العام للمنظمة.

إن دور المكتب الاستشاري المحترف يتجاوز مجرد تقديم النصائح؛ بل يسعى لتمكين المنظمة من بناء نظام متكامل لإدارة المخاطر، مما يساهم في تحقيق استدامتها ونجاحها على المدى الطويل.

 

 

ختاماَ

إن إدارة المخاطر ليست مجرد إجراء إداري، بل هي مهمة أساسية لضمان الاستدامة والنجاح للجمعيات الأهلية. فمن خلال تطبيق المعايير المناسبة وتبني استراتيجيات فعالة، يمكن للجمعيات تعزيز قدرتها على مواجهة التحديات وتحقيق أهدافها الاجتماعية والخيرية.

شارك المنشور

مقالات اخرى