أهمية المراجعة الداخلية لتعزيز حماية الجمعيات الأهلية واستدامتها

المستشار / محمد العمودي

 

تعد المراجعة الداخلية جزءًا حيويًا من النظام الإداري والمالي لأي جمعية أهلية. وهي عملية مستقلة ومنهجية تهدف إلى تقييم مدى التزام الجمعية باللوائح، المعايير المحاسبية، والأنظمة الحكومية، مما يعزز الثقة بين الجمعية وأصحاب المصلحة مثل المانحين والجهات الرقابية.

 

دور المراجعة الداخلية

أحد الأدوار الأساسية للمراجعة الداخلية هو مراجعة الوثائق المالية والإدارية. يتطلب ذلك جمع كافة الوثائق ذات الصلة، مثل القوائم المالية، الفواتير، العقود. من خلال هذه المراجعة، يتم التأكد من أن جميع المستندات تتضمن التواقيع اللازمة وتحتوي على المعلومات الأساسية، مثل التاريخ والأرقام المرجعية. هذا الإجراء يضمن خلو المستندات من الأخطاء الحسابية والتأكد من أن العمليات تتماشى مع الدورة المستندية المعتمدة.

لكن التدقيق الداخلي لا يقتصر فقط على التأكد من صحة الحسابات. بل يمتد إلى التدقيق الموضوعي الذي يشمل التحقق من الامتثال للأنظمة الحكومية، مثل نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر عن المركز الوطني للقطاع غير الربحي ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. كما يراجع مدى التزام الجمعية بدليل الحسابات الموحد للجمعيات الأهلية، وضمان تسجيل العقود والالتزامات المالية بشكل صحيح ودقيق.

 

تحليل العمليات الداخلية

جزء آخر مهم من دور المراجعة الداخلية هو تحليل العمليات الداخلية للجمعية. يتم في هذا الجانب فحص الهيكل التنظيمي للجمعية للتأكد من وضوح الأدوار والمسؤوليات الإدارية والمالية، وضمان توزيع الصلاحيات بشكل سليم يتماشى مع مصفوفة الصلاحيات المعتمدة. كما يتم تقييم مدى موثوقية وكفاءة انظمة الرقابة الداخلية لضمان وجود إجراءات كافية للحد من المخاطر المالية والإدارية.

تحليل العمليات الداخلية يشمل أيضًا مراجعة الدورة المستندية، وهي عملية هامة تضمن أن جميع العمليات المالية مثل المدفوعات والمشتريات موثقة بالكامل وتمت وفق الإجراءات النظامية المعتمدة ومبوبة بشكل صحيح وفقا لدليل الحسابات الموحد. هذا التحليل يساعد في الكشف عن أي تجاوزات في الميزانية التقديرية من خلال مقارنة الإنفاق الفعلي مع الميزانية المخططة، مع تقديم توصيات لتحسين التحكم المالي.

 

الامتثال للحوكمة ونظام العمل السعودي

المراجعة الداخلية تلعب دورًا كبيرًا في التحقق من الامتثال لنظام العمل السعودي ولوائح الموارد البشرية. إذ تشمل المراجعة فحص السياسات المتعلقة بالرواتب، الإجازات، والتوظيف، والتأديب، للتأكد من أن الجمعية تلتزم بالقوانين الصادرة عن وزارة العمل والموارد البشرية. هذا يساعد في الحد من المخاطر المرتبطة بالامتثال ويجنب الجمعية أي مخالفات قانونية.

إضافة إلى ذلك، تركز المراجعة الداخلية على الامتثال لمعايير الحوكمة التي يفرضها المركز الوطني للقطاع غير الربحي. من خلال مراجعة ممارسات الحوكمة، ويمكنها من تحسين آليات الشفافية والمساءلة وتحقيق الامتثال لمعايير السلامة المالية، ما يعزز الثقة بين الجمعية وأصحاب المصلحة مثل المتبرعين والجهات الرقابية.

 

فوائد المراجعة الداخلية للجمعيات الأهلية وأهميتها:

المراجعة الداخلية تقدم فوائد هامة للجمعيات الأهلية، فهي تساعد على:

  1. تعزيز الامتثال: التأكد من أن الجمعية تلتزم بالقوانين المحلية مثل أنظمة الحوكمة ونظام العمل السعودي، مما يقلل من مخاطر المخالفات والعقوبات القانونية.
  2. تعزيز الشفافية والمساءلة: تضمن المراجعة الداخلية أن الجمعية تتمتع بمستوى عالٍ من الشفافية والمساءلة، مما يزيد من ثقة الجهات المانحة والمتبرعين.
  3. تعزيز السلامة المالية: المراجعة الداخلية وبشكل مهم في تحقيق الإدارة المالية الرشيدة وإدارة الموارد بشكل فعال ومستدام.
  4. تحقيق الامتثال الضريبي: يساعد التدقيق الداخلي في ضمان التسجيل الضريبي الصحيح للجمعية، والتأكد من استفادتها من أي استردادات ضريبية محتملة.
  5. تعزيز كفاءة أنظمة الرقابة وإدارة المخاطر: من خلال تحليل وتحديد المخاطر المالية والإدارية المحتملة وتقديم توصيات فعّالة للتقليل منها، يُسهم ذلك في تعزيز استقرار الجمعية وضمان استدامتها على المدى الطويل.
  6. التخطيط المالي المحكم: يساعد تحليل الميزانية التقديرية ومراجعة حالات التجاوز في تحسين التخطيط المالي، وضمان استخدام الموارد بشكل فعال.
  7. تحسين الكفاءة المالية والإدارية: من خلال مراجعة العمليات الداخلية وتحديد نقاط الضعف، يمكن تحسين الإجراءات وتبسيط العمليات لتحقيق كفاءة أكبر.

 

وختاماً، تعد المراجعة الداخلية أداة استراتيجية ضرورية للجمعيات الأهلية، حيث تضمن سير العمليات المالية والإدارية وفق المعايير المطلوبة، وتعزز الامتثال والالتزام بالمعايير القانونية والتنظيمية. كما تسهم في الكشف المبكر عن الأخطاء، وتجنب تحولها إلى مشكلات أكبر، مما يحمي الجمعية من المخاطر المالية والإدارية. إضافة إلى ذلك، توفر المراجعة الداخلية آليات فعالة لتحسين الأداء المالي والإداري، مما يعزز من كفاءة الجمعية وقدرتها على تحقيق أهدافها بفاعلية، مع ضمان استدامتها على المدى الطويل.

 

شارك المنشور

مقالات اخرى