د. حنان درويش عابد
تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا تاريخيًا مع انطلاقة رؤية 2030 التي وضعت أسسًا جديدة للحوكمة والشفافية والاستدامة في القطاعين العام وغير الربحي. وفي قلب هذا التحول، تبرز المراجعة الداخلية كأداة استراتيجية لضمان نزاهة العمليات، ورفع كفاءة الأداء، وتعزيز ثقة المجتمع والمتبرعين في الجمعيات الأهلية.
أولاً: المراجعة الداخلية كدعامة للحوكمة
تؤكد رؤية 2030 على أن الحوكمة الرشيدة هي أساس نجاح المنظمات غير الربحية، وهو ما يجعل المراجعة الداخلية عنصرًا محوريًا في تطبيق السياسات والإجراءات وضمان التزام الجمعيات بمعايير الشفافية والمساءلة.
ثانياً: التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي
مع تسارع برامج التحول الرقمي، سيكون للمراجعة الداخلية دور أكبر في توظيف الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لرصد المخاطر وتقديم تقارير دقيقة في وقت قصير. هذه التقنيات ستحول المراجعة من وظيفة تقليدية إلى نظام استباقي يساهم في منع الأزمات قبل وقوعها.
ثالثاً: المراجعة المبنية على المخاطر
رؤية 2030 تركز على إدارة المخاطر في جميع القطاعات. لذا فإن مستقبل المراجعة الداخلية في الجمعيات الأهلية سيعتمد على توجيه الموارد الرقابية نحو المجالات الأكثر خطورة مثل التمويل والمشاريع الكبرى، بما يضمن استخدامًا أمثل للموارد وتعظيم الأثر الاجتماعي.
رابعاً: بناء القدرات وتوطين الكفاءات
من أبرز مستهدفات الرؤية بناء رأس مال بشري مؤهل، ما يعني أن المراجعة الداخلية ستحتاج إلى كوادر وطنية تمتلك مهارات تحليلية وتقنية عالية، قادرة على مواكبة التطورات العالمية في معايير التدقيق والمراجعة.
خامساً: المراجعة الداخلية كشريك استراتيجي
لم تعد المراجعة الداخلية مجرد وظيفة داعمة، بل أصبحت شريكًا استراتيجيًا في صياغة الخطط المستقبلية للجمعيات، تساهم في تحسين الكفاءة، وتعزيز الشفافية، وضمان استدامة العمل الخيري بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.
ختاما إن مستقبل المراجعة الداخلية في الجمعيات الأهلية السعودية واعد، لكنه يتطلب تحديث الأدوات، تأهيل الكوادر، وتبني التكنولوجيا. وفي ضوء رؤية 2030، ستتحول المراجعة الداخلية من مجرد أداة رقابية إلى رافعة استراتيجية تسهم في بناء قطاع غير ربحي فاعل، شفاف، ومستدام، يواكب تطلعات المملكة نحو تنمية شاملة ومستقبل مزدهر.
رابط خدمة المراجعة الداخلية